بقلم : هشام الدللوري
يعود تاريخ الملتقى الشعري الذي دأبت جمعية النخيل للثقافة والفن والتربية بكلميم على تنظيمه كل سنة، بمعية مجموعة من الشركاء أفرادا ومؤسسات، إلى سنة 2000 إن لم تخني الذاكرة. وقد سُطرت في بداياته أهداف نبيلة صيغت بدقة وروية وبتكاثف جهود عدد من مبدعي هذه المدينة، والذين للأسف تم إقصاؤهم وإبعادهم عنوة عن ساحة المشاركة الثقافية، بعد أن اشتد عود هذا الملتقى دورة بعد دورة.
وبصفتي أحد المؤسسين الحقيقيين لهذه التظاهرة الشعرية ( أشدد على نعت الحقيقيين لأني لاحظت في الدورة الماضية تعمد إسقاط أسماء المؤسسين الفعليين من قبل رئيس الجمعية، وتم إقحام أسماء أشخاص لم يكونوا أبدا من بُناة هذا الحدث ) كنت دائما رهن إشارة الجمعية في كل ما يُطلب مني رغم أني لست عضوا فيها، وحريصا على أن يظل الملتقى موعدا سنويا يحتقل فيه بالقصيدة وعذب الكلام وليس بالأشخاص، وأن يكون كذلك فرصة لتلاقي التجارب الشعرية من كل حدب وصوب بغية إغناء رصيد المدينة ثقافيا. ولكن نتيجة انحراف مسار الملتقى عن الأهداف المسطرة له قبلا، لأسباب سأذكرها توا، آليت أن لا أشارك في هذه الدورة.
- أولا: التفرد المطلق لشخص رئيس الجمعية في إدارة هذا الملتقى، من حيث اختيار زمن ومكان التظاهرة، وإعداد فقراتها.. وغالبا ما يكون ذلك بتواطؤ مع جهات داعمة تمرر خطاباتها الدعائية على حساب الشعر والشعراء.
- ثانيا: سن تسمية دورات الملتقى بأسماء أحد أعلام الشعر محليا ووطنيا ودوليا، وهذا أمر مستحسن ويستحق الإشادة. إلا أن الملاحظ في هذه الدورة، وهو ما لا يمكن أن يفهمه أي متتبع للشأن الثقافي المحلي، هو إطلاق اسم أحد أقرباء رئيس الجمعية على هذه النسخة العاشرة، وصحيفة هذا الرجل خالية من أي إسهامات فكرية وأدبية يستحق معها أن يكون المحتفى به. وقد لا أكون مخطئا إذا قلت إنه بهذا الإجراء غير الصائب تكون الجمعية قد انخرطت بشكل مباشر وفعلي في هدم صرح هذا الملتقى لبنةً لبنةً، وربما يدرك البعض لماذا هذا الشخص بالذات وليس غيره ممن هم جديرون بالاحتفاء، ولماذا في هذه الدورة على الخصوص؟؟ جوابا أقول: ليس تكريما له أو عرفانا بما قدمه من أعمال وتضحيات لهذه المدينة (على سبيل المجاز)، بل تغطيةً وحجْبا لتاريخ أسود في تسيير الشأن التعليمي، فالرجل كان ومازال يشغل منصب مندوب وزارة التربية الوطنية تم نفيه، أقصد تهريبه إلى موطنه الأصلي جزاء وعقابا في نفس الوقت على الفساد الإداري والمالي الذي عرفته نيابة التعليم في عهده.
- ثالثا: الارتجالية التي تطبع عادة تقديم فقرات الملتقى طيلة الدورات السابقة، ويتمثل ذلك في حذف بعض الفقرات أو التأخير في عرضها، وإعلان نتائج المسابقة الشعرية بين التلاميذ دون تمحيص إبداعاتهم من قبل لجنة التحكيم، وعدم وجود من يُسير بعض الندوات، وتسريع وتيرة حفل الاختتام تداركا للتوقفات الطويلة مما يؤدي إلى نفور الجمهور، وما إلى ذلك من تجليات عبثية التنظيم.
- رابعا: ضعف الجانب التواصلي والإعلامي لهذا الملتقى، وهي مسألة نبهت عليها السيد الرئيس مرارا وذلك بأن يتم إحداث لجنة خاصة يناط إليها هذا الدور، وهو ما لم يرقه خِيفـة فقده منصب الناطق الرسمي باسم الملتقى.
- خامسا: تخلي الجمعية عن أحد أهم الأهداف التي سطرناها في البداية، وهو أن ملتقى كلميم للشعر مناسبة سنوية لاكتشاف المبدعين الشعراء بين صفوف المتمدرسين، إلى جانب الإسهام الفعلي والجاد في طبع ونشر بعض الأعمال المتميزة في الساحة الثقافية المحلية.
إن جمعية النخيل للثقافة والفن والتربية بكلميم من أنشط الجمعيات بالمدينة، وهذه حقيقة لا ينكرها أحد، ولها الفضل في استمرارية الملتقى الشعري إلى أن وصل إلى هذا المستوى الكبير، والإشعاع الذي جاوز حدود الوطن. وإني إذ أعلنت موقفا رافضا للمشاركة في فعاليات التظاهرة الشعرية العاشرة، فذلك يعود إلى مبدأ أومن به وإلى عقيدة راسخة تأبى اتخاذ الكلمة الشعرية مطية لتحقيق أهداف غير معلنة، وتأبى أيضا أن يصير الملتقى أسلوب كُدية يضيف رصيدا ماليا للجمعية ولا يضيف رصيدا ثقافيا وفكريا لمدينتي ولناشئتها.